في مفهوم  الهوية  

2025-05-14 20:46:22 Written by  Ghirmay Published in المقالات العربية Read 177 times

                 

إن مفهومَ الهويةِ يبدو بديهيًا ، فمَن مِنا لا يستطيع الإجابة عن سؤال ؛  ما معنى الهوية؟ رغم ذلك ، يتعرض هذا المفهوم لإعتداء و تشويه وتأويلات غير دقيقةِِ ومضللةٍ بل هو ساحة معركة سياسية وأيديولوجية وثقافية معقدة.

من أسباب ذلك، إن أُحسن الظن ، هو عدم إدراك المعنى الحقيقي للهوية ، الأمر الذي يدفعنا إلى محاولة توضيح معنى هذا المفهوم ؛  رغم إدراكنا صعوبة إيجاد تعريفٍ جامعٍ مانعٍ خاصة في حقل العلوم الاجتماعية والمعرفية ،  أما السبب الأخر الذي يدفعنا لطرح هذا الموضوع فهو التأويل الخاطئ الذي يتبناه بعض الإرتريين ، استنادا الى مفاهيم ضيقة و ممسوخة وغير ملائمة تندرج ضمن الخطأ أو الخطيئة.

الهويةُ هي مجموعة من الصفات والخصائص التي تميز الفرد أو الجماعة عن غيرها، ببساطة ؛ هي جواب عن سؤال من أنا؟ من أنت؟ من نحن؟ من هم؟

 الهويةُ ؛ هي تلك الملامح و الخصائص المميز التي تجعل المرءِ مختلفاً عن الآخرِ .

يمكن تعريف الهوية ايضَاً ؛ بأنها شعورًاً بالانتماءِ مع مَن تشاركَهم بعض عناصرِ الهويةِ، مثل اللُّغةِ والثقافةِ والدينِ والتاريخِ  والجغرافيا… الخ.

ومن هذا المفهوم يمكن أن يكون للفرد الواحد ، أكثر من هويةٍ فرعيةٍ ، منها:

1 – الهوية الشخصية: تعبِّر عن شخصيةِ الفردِ وسماتهِ الفرديةِ؛  مثل القيم والمعتقدات والتجارب الحياتية.

2 – الهوية الثقافية: تمثل التقاليد والعادات والممارسات الثقافية والقيم الاجتماعية

3 – الهوية الدينية: ترتبط بالانتماء إلى ديانة أو معتقد معين .

4 – الهوية الاجتماعية: تتمثل في الانتماء إلى مجموعة معينة داخل المجتمع ، مثل الطبقة الاجتماعية أو الجماعات المهنية أو النوادي الرياضية والمواهب المشتركة.

بناءاً على ذلك ؛ من الممكن أن تتجاوز بعض الهويات حدود الدولة الوطنية، والأطر المحددة للهوية،  لكن هذا بالتأكيد لا يعني أنّ لديك هوية وطنية واحدة مع من تشاركهم عناصر هوية معينة،  مثل اللغة والثقافة والدين من خارج الحدود الوطنية.

المثير للاهتمام في هذا الموضوع ؛ هو أنّ مسألة الهوية الوطنية ، التي تتعرض للتشويه أو التهديد للأسباب الآنفة الذكر .

إنّ الهوية الوطنية ترتبط ارتباطاً وثيقًا بالانتماء الى الوطن حيث تتشكل من عدة عناصر اساسية ابرزها:- الأرض , والتاريخ المشترك والثقافة الممتدة المتجذرة وغير المفروضة، و بالضرورة فإن الدستور هو الذي يجسد قيم المجتمع ويعبر عن إرادته الجماعية.

الهوية الجامعة هي تلك التي تستظل تحتها جميع الهويات الفرعية، بحيث تمارس كل فئة خصوصيتها بحرية دون تعارض مع الهويات الأخرى ويظل الولاء للوطن ؛ و هو الرابط المشترك الذي يجمع بين كافة المكونات ؛ وعندما يتحقق هذا التوازن بين الهوية الوطنية الجامعة  وبين الهويات الفرعية ذات الخصوصية المتنوعة ، تترسخ حينها الوحدة الوطنية ويعيش المواطنون في أمن وسلام واستقرار.

تضعف الهوية الوطنية الجامعة أو يتمُ الاعتداءِ عليها بفرضِ هويةِِ فرعيةِِ بديلةِِ عنهَا ، عندها يختل توازن العقد الاجتماعي مما يؤدي إلى صراع الهويات بين أبناء الوطن الواحد ، وإذا تصاعد هذا الصراع فقد يتطور الى فتنةِِ أو حتى حرب أهلية مدمرة ، كما شهدناه في العديد من التجارب المؤلمة من حولنا؛ لذلك من الضروري احترام جميع الهويات الفرعية ضمن إطار الهوية الوطنية الشاملة وتجنب دفع الأفراد أو الجماعات إلى الانغلاق داخل انتماءاتهم الضيقة والدفاع عنها على حساب الانتماء الوطني الأشمل.

 الحفاظ  على هذا التوازن وترسيخ العقد الاجتماعي يعتبر الضامن الحقيقي لوحدة الوطن واستقراره ونمائه.

Last modified on Wednesday, 14 May 2025 22:54